“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذه المقابلة مع سفير نيجيريا في لبنان بعد أن نشرتها مجلة “الأمن العام” في عددها الـ62 لشهر تشرين الثاني الحالي. لتصفّح المزيد من مواضيع المجلّة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
تعتبر نيجيريا، البلد الأكبر مساحة في القارّة الإفريقية، من أول البلدان التي هاجر اليها اللبنانيون في القارّة السوداء، حيث يعيش نحو 40 ألف لبناني يساهمون بفاعلية في النمو الإقتصادي بين نيجيريا ولبنان، لكنّهم ما زالوا يرتبطون ببلدهم الصغير. اللافت أن أوجه شبه عدّة تجمع بين هذين البلدين.
تتميّز نيجيريا بمواردها الطبيعية، وهي تشبه لبنان من حيث التنوع وفيها 250 مجموعة اثنية من خلفيات ثقافية مختلفة، وتعدّ قرابة الـ180 مليون نسمة وهي الاكبر من حيث عدد السكّان في افريقيا وتعتبر من اكبر الاسواق في العالم. يتحدث السفير النيجيري غوني مودو زانّا بورا المقيم في لبنان منذ عام بشغف عن بلده التي احيا ذكرى استقلالها الـ58 في الاول من تشرين الاول الفائت. يستعيد في حوار مع “الامن العام” هو الاول للصحافة اللبنانية جزءا من ذكرياته في بلده الذي يعترف بانه يتوق اليه يوميا، وخصوصا للعمل السياسي الذي تمرّس فيه لاعوام.
ولد السفير غوني مودو زانّا بورا في 6 كانون الثاني 1960 وهو من الشمال الشرقي لنيجيريا من مدينة “يونوساري” في محافظة “يوبي”، وكان رئيسا للحكومة المحلية في مدينته “يونوساري”، ثم اصبح نائبا للمحافظ في “يوبي”، وانتخب عضوا في مجلس الشيوخ عام 1998 ونائبا في البرلمان بين 1999 و2003.
يشير الى أن العلاقات الدبلوماسية بين لبنان ونيجيريا بدأت عام 1960 بعد نيل نيجيريا استقلالها لكنها توقفت لعقدين. بعد انتهاء الحرب الاهلية تمّ تعيين اول سفير نيجيري في لبنان عام 1990، ويعتبر السفير زانّا بورا الخامس في لبنان منذ ذلك الحين.
يبلغ عدد الجالية النيجيرية في لبنان قرابة ثلاثة آلاف، ويتحدث السفير النيجيري بشكل إيجابي عن الجالية اللبنانية ويقول انها بنت اعمالها الخاصة في اعمال البناء والسوبر ماركت والمطاعم وهي جالية قديمة تعود هجرتها الى ما قبل 1960.
تعكف الحكومة النيجيرية والرئيس محمّد بوهاري على التصدي لظاهرة “بوكو حرام”، (جماعة اسلامية نيجيرية سلفية متطرفة، تأسست عام 2002).
تراجعت حدّة ارهاب “بوكو حرام” بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فهي كانت تسيطر على 18 مجلسا محليا في نيجيريا من اصل 36، فطردها الجيش النيجيري بالقوة العسكرية.
هل من تعاون مع لبنان في مجال مكافحة ظواهر الارهاب؟ يقول السفير النيجيري أنه لغاية اليوم ليس من تعاون في مجال مكافحة الارهاب مع لبنان، لكن اوجه التعاون قد تكون متعددة بين البلدين. يطرح افكارا عدّة ابرزها: تبادل وتدريب الاشخاص الامنيين في البلدين، امكانية التعاون في المنظمات الدّولية كما في الامم المتّحدة ومنظّمات دولية اخرى تبادل الزيارات على مستوى رفيع لشخصيات رسمية من كلا البلدين.
وضع السفير النيجيري حين وصل الى لبنان اهدافا عدة يطمح الى تحقيقها ابرزها: توقيع اتفاقية للخدمات الجوية بين البلدين (وقّعت في نيسان 2018)، اعادة انعاش اتفاقيات قديمة ( منها اتفاقي للتجارة المتبادلة، واتفاقي يتعلّق بالازدواج الضريبي. يضع نصب عينيه توسيع الاستثمارات اللبنانية في نيجيريا ومنح سريع للتأشيرات والتأمين لرجال الاعمال واعادة انعاش الصداقة اللبنانية النيجيرية عبر جمعية الصداقة
التي تأسست عام 2007.
*سعادة السفير هل لك ان تعطينا نبذة عن عملك الدبلوماسي قبل قدومك الى لبنان؟
-انا لست دبلوماسيّا في اساس مهنتي، بل سياسي، لكنني اشعر بحصّة لي في العمل الدبلوماسي بين السياسيين، وهذا امر طبيعي لان ثمة نسبة مئوية منحتها وزارة الخارجية النيجيرية للسياسيين و تصل الى 50 في المئة موزّعة مناصفة بين دبلوماسيين من الملاك وسياسيين من خارجه. انها المرّة الاولى التي اشغل فيها منصب سفير وقد كنت رئيسا للحكومة المحلية في ولايتي “يونوساري”، ثمّ شغلت منصب نائب محافظ لمحافظة “يوبي”، كذلك كنت عضوا في مجلس الشيوخ النيجيري بين عامي 1999 و2003.
*ماذا عن انطباعك عن لبنان بعد عملك في ربوعه منذ قرابة سنة؟
-بعد مرور عام على بدء مهمتي الدبلوماسية في لبنان، اجد البلد دافئا ومحبّا وآمنا.
*كيف تصف العلاقات الثنائية بين لبنان ونيجيريا؟ ومتى بدأ التبادل الدبلوماسي بين البلدين؟
-قطعت العلاقات بين نيجيريا ولبنان شوطا كبيرا في التاريخ. تعود هذه العلاقات الى ما قبل استقلالنا. توجد اتفاقيات ثنائية عدة هي اليوم في طور الاحتضار وبحاجة الى اعادة انعاش بينها اتفاقية التجارة الثنائية، واتفاقية الإزدواج الضريبي، وسواهما. واخيرا، تمّ توقيع اتفاقية الخدمات الجوية الثنائية التي عادت الى الحياة مجددا.
بالنسبة الى العلاقة التاريخية، فهي بدأت منذ عام 1960 بعد استقلال نيجيريا، ولكنّها تعطّلت في الحرب الاهلية اللبنانية التي استمرّت لعقدين، وبعد انتهاء الحرب الاهلية بوقت وجيز، تمّت اعادة ترميم العلاقة بتعيين سفير جديد في لبنان منذ عام 1990 وقد استمرّ التمثيل الدبلوماسي لغاية اليوم، وانا اقع في المرتبة الخامسة بين السفراء منذ اعادة ترميم العلاقات الدبلوماسية عقب انتهاء الحرب الاهلية.
*تعتبر الجالية اللبنانية جالية مهمّة في نيجيريا، كيف تنظرون اليها؟
-يقطن ما يزيد عن 40 ألف لبناني في نيجيريا حيث يديرون اعمالهم ويسهمون بفاعلية في نمو الاقتصادي بين نيجيريا ولبنان. بعض اللبنانيين يعملون في مجال البناء التعهدّات والصناعة.
*ماذا عن امكانات تفعيل التعاون في العلاقات التجارية وبين رجال الاعمال في البلدين؟
-سبق واشرت الى توقيع اتفاقية الخدمات الجوية الثنائية في نيسان الفائت، لاعادة انعاش الاتفاقية السابقة التي كانت تحتضر واعادة تنشيط القطاع. في مجال التجارة، فانا لا ازال اعمل بجهد بغية احداث توازن في العلاقة في هذا المجال عبر دعوة مستثمرين من نيجيريا الى لبنان لديهم خبرة في الصناعات المالية الفاعلة على غرار “اكسيس بنك” وسواه.
*ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
-طالما كانت العلاقة التجارية بين البلدين من جانب واحد، توجد الكثير من الاعمال اللبنانية في نيجيريا والعكس غير صحيح. بالنسبة للاعمال النيجيرية في لبنان فإن معظمها غير رسمي، لكنني احاول جلب مستثمرين من نيجيريا الى لبنان وجعل هذه العلاقات رسمية بين البلدين.
*ماذا عن وضع النيجيريين في لبنان؟
-تعدّ الجالية النيجيرية في لبنان اكثر من 3 آلاف شخص يعمل معظمهم في وظائف متواضعة، لذلك اريد ان تصبح العلاقات بين البلدين رسمية، ما يتيح لخبراء نيجيريين في بعض القطاعات العمل في لبنان.
*هل من تعاون مع “الامن العام” اللبناني وفي اية ملفات؟
-ان التعاون بين سفارة نيجيريا خلال ولايتي كان ودّيا ومتينا. يعمل “الامن العام” وسفارتنا يدا بيد في مجال المسائل المتعلقة بالهجرة والتي تطال النيجيريين الذين يعيشون في لبنان. هذا الملف هو الاهم وسفارة نيجيريا تتلقى من “الامن العام” ليس اهتماما فوريا فحسب بل المعاملة الملائمة للمسائل كلها.
*ماذا عن التعاون مع لبنان في مجال مكافحة الارهاب؟
-صحيح انه لا يوجد اتفاق في مجال مكافحة الارهاب بين لبنان ونيجيريا، لكن للبلدين معا مصلحة مشتركة للتعاون في هذا المجال. كما هو معروف، فإن الارهاب هو مشكلة عالمية ونيجيريا تتعامل معه على هذا الاساس، بامكان البلدين تدريب موظفيهما المعنيين على اساليب محاربة الارهاب، ويمكن للبلدين ان يسعيا جاهدين لمقاتلة الارهابيين.
*كيف نجحت نيجيريا بقيادة الرئيس محمد بوهاري في تقليص العمليات الارهابية في الآونة الاخيرة؟
-ان ادارة الرئيس محمّد بوهاري ملتزمة توفير الامان لحياة وممتلكات كل شخص يعيش في البلاد، والحزم الذي تحلّت فيه الحكومة للتصدّي للتمرّد وللارهاب أدّى الى اندحار بوكو حرام وتراجع انشطتها بشكل ملحوظ. ان الحكومة لن تتراجع ببذل الجهود المستمرة بغية الوصول الى اجتثاث بوكو حرام كليا من نيجيريا ومنع اي تمرّد محتمل لها.
علاوة على ذلك، فإن إعادة احياء قوة العمل المشتركة الوطنية المتعددة هي جزء من التدابير التي تهدف الى محاربة الجريمة العابرة للحدود، وكذلك تمرّد بوكو حرام. وكنتيجة للتدابير المذكورة اعلاه، فقد عاد اكثر من مليون شخص مشرّد لبيوتهم ولمجتمعاتهم في الشمال الشرقي بعد ان غادروها منذ عام 2015. وقد تمّ تحرير ما يزيد عن 13 الف رهينة كانت لدى بوكو حرام بينها 106 من فتيات “الشيبوك” اللواتي اعتقلن عام 2014، و104 من فتيات “دابشي” اللواتي اعتقلن عام 2018.
ومن التدابير التي تمّ اتخاذها لتخفيض مستوى الجريمة في نيجيريا شكلت الحكومة الفيديرالية قوّة التدخّل العسكري المشتركة والتي تتألف من القوات النظامية وتلك الخاصة في الجيش، والقوات الجوية والبحرية بالتعاون مع الشرطة النيجيرية وقسم امن الدولة، والدفاع المدني.
*ما هي الملفات التي تهتم بها نيجيريا في الشرق الاوسط؟
-طالما كانت نيجيريا على علاقة صداقة مع بلدان الشرق الاوسط ولم تتغير سياساتها حيال هذه المنطقة. لدى نيجيريا سفارات في معظم بلدان الشرق الاوسط تقريبا، وهذا ما يظهر العلاقات الودية بين بلدان هذه المنطقة وسياساتنا المتبعة.
*ماذا عن تصدير الغاز النيجيري الى اوروبا؟ وماذا في تفاصيل هذا الملفّ؟
-قررت الحكومة النيجيرية توفير الغاز لدول الاتحاد الاوروبي على المدى الطويل، وجزء من هذا التدبير يهدف الى زيادة وتوسيع سوق الغاز للامة خارج الحدود النيجيرية.